اقامت لجنة احياء ذكرى الأمير فيصل ارسلان احتفالاً بمناسبة مرور سنة على رحيله مساء أمس في قاعة الاحتفالات في الاسمبلي هول بالجامعة الاميركية حيث كانت كلمة لرئيس الحزب الديمقراطي اللبناني الأمير طلال أرسلان قال فيها : " الشكر الجزيل لكم على هذه المشاركة الكريمة... حيث نذكر معاً فقيدنا الغالي... أخي فيصل رحمه الله... نذكره معاً سواء من موقع الأخوة أو العائلية أو الأهلية أو الصداقة... أو حتى مجرد المعرفة... ولو عن بعد...نذكره رجلاً من أهل السياسة ظل طيلة حياته محافظاً على إنسانيته محترماً كرامات الناس...نذكره رجلاً من أهل السياسة عرف بإقدامه ومروأته في خدمة الناس ...فلم يصد طالب حاجة ... بل ظل مشرعاً بوابته للجميع.. دائم الإبتسامة ... كريم الأخلاق .. عزيز النفس .. واسع الصدر .. قريباً من هموم الناس ... يشاركهم مشاعرهم ... صادق في التعاطي ... طيب القلب ... جسورٌ في المواقف ...حريصاً... طيلة حياته على عدم الفصل ما بين الاخلاق والسياسة... ما بين الانسانية والسياسة... فغَلب الصداقة على المصلحة... أو الصداقة على الواقعية... في كل مرة استوجب الأمر الاختيار بين الاثنين...
بصراحة...
إنها الاشكالية التي تواجهنا دائماً... نحن أبناء مدرسة بطل الاستقلال الأمير مجيد أرسلان... ومن غير الوارد عندنا التخلي عن هذه القاعدة... أياً كان الثمن... فأهلاً وسهلاً ويا مرحباً بقسوة الزمن علينا طالما أننا نربح سلامة إنسانيتنا... أمام أنفسنا وضميرنا أولاً... ووفاء للنهج القويم الذي غرسه بطل الاستقلال... في قلوبنا وعقولنا... ليكون بوصلة تحدد إتجاهنا.
في الزمان السياسي الرديء... هذا الذي نعيشه... ويعيشه لبناننا الحبيب منذ عشرات السنين... إن هذا النوع من السياسة يوصف بشتى الأوصاف السلبية... لكن هذا لا يقدم أو يؤخر في خياراتنا... فما يشجعنا في ذلك... ويجعلنا نتمسك أكثر فأكثر بهذا النهج... هو الواقع المأساوي الذي يعيشه وطننا الحبيب لبنان... واقع هو نتاج الاتجار بالسياسة والاتجار بالدين والاتجار بالمذاهب والطوائف والاتجار بالمبادىء... والاتجار بالكرامات... على حساب الانسان اللبناني المعذب... المقيد داخل المعتقلات الطائفية والمذهبية... بلا حول ولا قوة سوى المضي في لعبة التنابذ...
...والتنابذ... انتحار متواصل.
إنها ديمومة الانتحار...
فأي حياة يمكن أن تولد من انتحار؟...
وحده الموت... يولد من الانتحار.
هكذا صارت أحوال وطننا تتراجع... وتتردى... وتتقهقر... حتى سقطنا إلى ما دون التشكل الاجتماعي... فهل نستغرب كيف أن الدولة هي كما هي عليه؟...
إننا ننسى... أو نتناسى... أو حتى نجهل في معظم الاحيان... أن الشعب المنقسم على نفسه لا ينتج سوى دولة جائرة وفاسدة!!!...
والانقسام... يالشكل الذي هو فيه... وكما ينمو ويتفاعل... لا أساس له غير ثقافة الكراهية للآخر... وهي ثقافة أشبه بلعبة الموت... بل أنها لعبة الموت بذاتها...
لقد أثبتت الأحداث... وتثبت... وستظل تثبت... أن ثقافة الكراهية المتمثلة بالتعصب الطائفي والمذهبي... وبشبكات المصالح والاتباطات التي تغذي هذا التعصب... هي الخطر المداهم الذي يهدد بقاء لبنان على قيد الحياة.
فالنظام السياسي يلفظ أنفاسه...إن لم نقل بأن النظام السياسي سقط... والدولة تتساقط معه... إنها تتساقط على مراحل... وقد تجر بسقوطها الكيان... وهنا الطامة الكبرى.
فلنأخذ... على سبيل المثال وليس الحصر... السجال الدائر حول المحكمة الدولية... وهو سجال لا يمكن فصله عن خلفية ثقافة الكراهية... وعن شبكة المصالح والارتباطات التي تغذي هذه الثقافة... إننا نرى أن هذا السجال بات أشبه بالسجال البيزنطي... خصوصاً وأن موضوع المحكمة هو اليوم بند من البنود التي يتم التفاوض حولها بين الدول مما يسفه ما يحكى عن خلفيتها القضائية... ويؤكد بالتالي كونها جزءاً لا يتجزأ من لعبة الأمم.
...نعم... لعبة الأمم ذاتها... التي لم نتوقف يوماً منذ خمس سنوات عن التحذير من الوقوع في أحابيلها... فان ثقافة الكراهية جعلتنا نقحم أنفسنا فيها... بتهور قل نظيره... فنكيل المدائح على نزاهة الأمم المتحدة وتجردها... في الوقت الذي تفوح فيه روائح الفساد والافساد من هذه المنظمة الدولية إلى حد أن السفيرة الاسوجية، المسؤولة عن ملف الشفافية ومكافحة الفساد، وضعت تقريراً تندد فيه بالفساد المستشري في الأمم المتحدة وتوجه أصابع الاتهام إلى شخص الأمين العام الحالي...
إن نزاهة الأمم المتحدة لا شبيه لها غير نزاهة الدولة اللبنانية... هذه هي الحقيقة.
خلاصة القول أن لا بد من وقف عجلة لعبة الموت... لأنها قد تقضي على لبنان ... على وطننا لبنان.
فالآمال اليوم معقودة على التحرك المشترك، السوري ـ السعودي، الذي يتم بادارة مباشرة من جلالة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله وسيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد... لكن المطلوب لبنانياً أن نلاقي هذا التحرك المشترك بتصرف يتسم ولو بالحد الأدنى من الحرص على استقرار وطننا... كأن نبدأ بالامتناع عن صب الزين على النار عند كل تصريح أو اقتراح.
أيها الاصدقاء
لا استقرار للبنان خارج الاعتدال... والاعتدال يحتاج إلى ثقافة المحبة... وثقافة المحبة تحتاج إلى أخلاق...
وإنما الأمم ـ الأخلاق ما بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
فيصل لم يكن ينظر إلى العلاقات السياسية بمنأى عن البعد الانساني... كما أسلفنا في الكلام... ولبنان بأمس الحاجة إلى استنهاض الانسان بين البشر.
هذه هي الثقافة التي تربينا عليها... وسنظل على هذه الدرب سائرين.
أكرر الشكر لكم على حضوركم وأوجه الشكر إلى لجنة التكريم بشخصياتها المرموقة التي اشتهرت بالإعتدال والوطنية " .

رائع بما ثقدمة صديقي

رحم الله وأسكنة فسيح جنانة

معلومات رائعة

تحيااتي

جميل ورائع الأبداع والتألق بأسمك صديقي

أشكرك على هذاا المقال الجميل

سلمت يداك